Saturday, November 21, 2009

مفاهيم خاطئه حول الغرض من تعيين مدقق الحسابات القانوني المستقل

مفاهيم خاطئه حول الغرض من تعيين مدقق الحسابات القانوني المستقل


 


مقدمه


 


ان تناولنا لمهنة التدقيق في هذا المقام يقصد به مدقق الحسابات القانوني المستقل . تعتبر مهنة التدقيق من وجهة نظر رأسماليه حديثه نسبيا حيث اخذت في التطور منذ بداية القرن الماضي لتمر في مراحل عديده والتي كان من اهمها انهيار شركتي اينرون وارثر اندرسون في سنة 2002 وافلاس العديد من الشركات نتيجة فضائح ماليه عديدة وصدور قانون (Sox Low) سوكس في الولايات المتحده الامريكيه تبعا لذلك .


 


كما وتمر مهنة التدقيق حاليا بمرحلة عصيبه جدا وهي الاكثر خطورة نتيجة الازمه الماليه والاقتصاديه العالميه الغير مسبوقه في التاريخ الحديث والتي ستترك اثارا جوهريه و طويلة الامد على مهنة التدقيق في كل بقعة من هذا العالم.


 


ان المبرر الحقيقي لوجود مهنة مدقق الحسابات القانوني المستقل هو نتيجة التطورات التي نشأت عن التغير في ملكية وادارة رأس المال.ففي حين كان المالك هو المدير العام وهو الذي يشرف على كافة اوجه أعمال مؤسسته او شركته , نشأت أشكال قانونيه عديده مثل شركة التضامن وذات المسؤوليه المحدوده والشركات المساهمه لتضييف مفهوم التضارب في المصالح (Conflict of Interest) الى قائمة العوامل الداخليه التي ادت الى نضوج الحاجه الى جهة مستقله عن ادارة رأس المال والمؤسسات هي مدقق الحسابات القانوني المستقل.


 


الا ان هناك عوامل خارجيه اخرى أدت للحاجه الى رأي جهه مستقله حول أعمال المؤسسه او الشركه اما بحكم القانون مثل الضرائب بكافة أنواعها أو بحكم طبيعة علاقة المؤسسه أو الشركه مع المقرضيين أو المستثمرين.وببساطه شديده للغايه, فان مدقق الحسابات القانوني المستقل هو جهه يبدي رأيا حول موضوع محدد للغايه وقيمة رأيه الحقيقيه تكمن في كفائته المهنيه واستقلاليته ليستخدم رأيه من قبل كل ذي صله أو مصلحه.


 


هدف تدقيق البيانات الماليه


 


ان الموضوع المحدد للغايه لعمل مدقق الحسابات القانوني المستقل هو ابداء الرأي حول البيانات الماليه للمؤسسه أو الشركه فيما اذا كانت تظهر بعداله ومن كافة النواحي الجوهريه , المركز المالي كما في تاريخ محدد ونتائج الاعمال والتغيرات النقديه والتغيير في حقوق الملكيه خلال فترة زمنيه (عادة سنه) والتي اعدت طبقا لمرجعية مبادئ محاسبية هي (International Financial Reporting Standards) (IFRS (  والمستخدمه في العديد من الدول العربيه ومنها فلسطين.


 


اننا لسنا بمعرض التحليل الفني الدقيق لكل كلمه وردت في الفقرة السابقه , لكننا نود أن نؤكد ونوضح ما يلي للاهميه القصوى للقارئ ايا كان غرضه من استخدام تقرير المدقق الحسابات المستقل:


 


1.    ان البيانات الماليه (الميزانيه العموميه ,قائمة الدخل, قائمة التدفعات النقديه وبيان التغيير في حقوق الملكيه ) هي بيانات تاريخيه أي ان كل ما تحتويه هذه البيانات هي حول معاملات ماليه واقتصاديه قد حدثت في الماضي.


 


2.    ان رأي المدقق يستند الى أعمال قام بها ليكون رأيا حول البيانات المالبه ولكن من حيث الامور  الماديه أو الجوهريه وليس الامور غير الماديه وغير الجوهريه.


 


مرجعية عمل مدقق الحسابات القانوني المستقل


 


تشكل مبادئ التدقيق الدوليه ( on Auditing (International Standards(ISA) الاساس الذي تحكم كافة أعمال مدقق الحسابات القانوني المستقل. ونود أن نؤكد على ما يلي:


 


1.    ان المدقق ليس مطلوبا منه ان يتحقق من كل مستند لدى المؤسسه أو الشركه التي يدقق عليها بل مطلوبا منه أن يقوم بفحص عينات من المستندات الثبوتيه. نود أن نؤكد على كلمة " عينات" "Samples". ويمكن للقارئ لتقرير مدقق الحسابات القانوني المستقل ملاحظة ذلك في صلب التقرير.


 


2.    ان مدقق الحسابات القانوني المستقل يملك من الصلاحيات المهنيه ليحدد حجم هذه العينات, طبيعتها, وطريقة فحصها شريطة أن يتمتع بالكفاءة المهنيه,الاستقلاليه, الاستقامه, وكل ما ورد في مبادئ التدقيق الدوليه ذات الصله بموضوع التدقيق.


 


3.    ان مدقق الحسابات القانوني المستقل يملك من أدلة التدقيق التي حصل عليها نتيجة أعمال التدقيق ما يعتقد بأنه كاف ليكون الرأي الذي يبديه في تقريره حول البيانات الماليه.


 


4.    ان مدقق الحسابات القانوني المستقل قد دقق تقديرات الادارة الهامه والسياسات المحاسبيه المتبعه في اعداد البيانات الماليه.


 


5.    أن اعداد البيانات الماليه هي من مسؤولية ادارة المؤسسه\ الشركه لكن المدقق يبدي رأيه حولها اعتمادا على أعمال التدقيق التي قام بها.


 


مالا يقال في تقرير مدقق الحسابات القانوني المستقل


 


ان تقرير مدقق الحسابات القانوني المستقل تقرير فني ولا يمكن لغير المختصين وذوي الكفاءة المهنيه اللازمة فهم ما يقصده مدقق الحسابات القانوني المستقل في تقريره, وعليه فانه من الخطأ على القارئ العادي أن يستنتج بسهوله بأن التقرير واضح له وان كل شيئ على ما يرام حتى وان كان فعلا كل شيئ في أفضل حال.


 


ان تقرير مدقق الحسابات المستقل لا يؤكد ما يلي:


 


1.    لا يؤكد المدقق في تقريره أنه لا يوجد فساد اداري أو مالي داخل المؤسسة أو الشركة علما أن المعتاد من قبل مدقق الحسابات حصوله على تأكيد مكتوب من ادارة الشركة أو المؤسسة بعدم وجود حالات فساد اداري و مالي داخل الشركه أو المؤسسه خلال الفترة (عادة سنه) وهنا نود ان نلفت نظر القارئ بأن ذلك ايضا لا ينفي عدم وجود حالات فساد اداري أو مالي داخل المؤسسه أو الشركه.


 


2.    لا يؤكد تقرير المدقق في تقريره عدم وجود أخطاء في المبالغ غير الماديه والتي قد يكون تأثيرها مجتمعا مادي وجوهري.ونلفت نظر القارئ هنا ان العديد من حالات الفساد تظهر في هذه المساحه وقد بدأ البعض يتحدثوا حول مفهوم ( Sub materiality).


 


3.    لا يؤكد تقرير المدقق في تقريره أن الشركه أو المؤسسه تستطيع الاستمرار في أعمالها لأكثر من 12 شهرا (سنة فقط ) وبالتالي فان المدقق لا يؤكد استمرار المؤسسه / الشركه على المدى المتوسط أو الطويل.


 


أهمية تقرير مدقق الحسابات القانوني المستقل


في مدى فعالية القرارات الادارية والماليه


 


تكمن الاهميه الحقيقيه لتقرير مدقق الحسابات القانوني المستقل في كونه شهادة ورأي جهة مهنية ومستقله استقلالا تاما عن الجهة التي يبدي رأيه حول بياناتها المالية , ويستخدم هذا الرأي المهني المستقل من قبل مستخدمي هذه البيانات الماليه كمدخل اضافي للبيانات التي بين يدي متخذ القرار وذلك لاتخاذ قرارات ادارية وماليه مختلفه في التعقيد والاهميه الاسترتيجيه.


 


ان القرارات الاداريه والماليه سواء كانت تتخدذ من قبل أفراد مستثمرون أو مؤسسات أو شركات تعتمد على بيانات ومعلومات هامه وذات صله بالموضوع الاداري والمالي .الا ان نوعية, مدى توافر( توقيت), كمية, ومصدر المعلومات والبيانات تؤثر جوهريا على مدى فعاليه القرارات الاداريه والماليه.ان تقرير مدقق الحسابات القانوني المستقل هو رأي مهني مستقل تعتمد نوعيته على الكفاءة المهنية للمدقق واستقلاليته التي تؤكد عدم وجود تعارض في المصالح بين المدقق والجهة التي يبدي رأيه حول بياناتها الماليه, الا أننا نود أن نؤكد أن توقيت رأي المدقق( أي انتهاء أعمال التدقيق واصدار الرأي حول اليبانات الماليه للجمهور) في غاية الاهميه , فكلما تاخر صدور تقرير مدقق الحسابات القانوني المستقل كلما قلت أهميته لمتخذ القرار الاداري والمالي , والعكس صحيح, اننا نعقتقد ان تأخر صدور تقرير مدقق الحسابات القانوني المستقل يعود في أغلب الاحيان لأسباب تتعلق بادارة الشركة أو المؤسسه. ان القيمه المضافه لرأي مدقق الحسابات القانوني المستقل حول البيانات الماليه للمؤسسه أو الشركه تتجلى عند اتخاذ قرارات اداريه هامه واستراتيجيه مثل قرارات الاندماج  أو البيع (لقسم من الشركه أو الشركه بكاملها ) وان المقرضيين ( البنوك والموردون ) والمساهمين بحاجة دائمه الى اتخاذ قرارات اداريه وماليه تعتمد على رأي مدقق الحسابات القانوني المستقل.


 


برأينا


 


ان تقرير مدقق الحسابات القانوني المستقل تقرير فني معقد لا يستطيع غير المختصين فهمه والتعامل معه واستخلاص الحقائق منه. الا ان حقيقة وأهمية تقرير مدقق الحسابات القانوني المستقل لا يعتمد فقط على مستخدم هذا التقرير بل يعتمد ايضا على معد هذا التقرير الا وهو المدقق . والاسئلة التي تطرح نفسها بألم علينا , هل يوجد لدينا مهنة تدقيق حسابات ترتقي الي التحديات التي نواجهها محليا وعالميا ؟ هل تقوم جامعاتنا بما يلزم من أجل تزويد السوق المحلي بالطاقات المهنيه الجيده لتبدأ بالعطاء في هذه المهنه الهامه للغاية ؟ هل قوانيننا محدثه ومرنه لتتلائم مع التغيرات التي طرأت على كافة النواحي المالية والاقتصاديه محليا وعالميا؟ أسئله نطرحها مفتوحه عسى أن نحرك ساكنا سكن فينا منذ زمن وهو اننا نستطيع ان نكون افضل مما نحن الان بكثير في هذه المهنة التي لا زالت مغيبة في المجتمع والجامعات , ومراكز البحث العلمي في العالم العربي علما ان مهنة التدقيق الصحيحة والصحية هي احد الركائز الاساسية في التنميه الاقتصاديه والاجتماعيه والشفافية والحوكمه ومحاربة الفساد.


 


محمد جمال مسعود


بيرزيت للاستشارات


mmasoudcpa@bzconsult.com